بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 16 أبريل 2012

للمالكي جنود من "عسل"


للمالكي جنود من "عسل"





منذ ان انتهت المشاورات والمباحثات الماراثونية بين اقطاب المحاصصة الثلاث لتشكيل الحكومة بعد انتهاء الانتخابات الاخيرة لاخراج البلد من حالة الفراغ السياسي، والتي توجت بترشيح نوري المالكي من قبل التحالف الشيعي لرئاسة الوزراء. حتى بدأ المالكي العمل بهدوء وبصبر يحسب له بالعمل للسيطرة على اهم المراكز السياسية الحساسة في البلد، عن طريق قضم الاتفاقات التي عقدها مع شركاءه في العملية السياسية وخصوصا اتفاق اربيل، بعد ان اختلف مع الاخرين على تفسير بنوده وكأن هذا الاتفاق قرآن كريم ليكون حمال اوجه، هذا الاتفاق الذي لم يطلع عليه ابناء شعبنا بكل تفاصيله لليوم  وكأنه سرا من اسرار الكون!



ومما ساعد المالكي في هيمنته على مراكز القرار الاكثر حساسية في البلد، هو ابقاء وزارات سيادية مهمة كوزارات الداخلية والدفاع والامن الوطني شاغرة او تدار بالوكالة من مقربين اليه. مما يجعله وهو رئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة ان يتحكم في كل صغيرة وكبيرة فيها، هذا التحكم الذي يضاف الى منصبيه القانونيين وهيمنته على اجهزة مخابراتية واستخبارية عديدة اخرى، جعلت منه حاكم يشعر بالقوة المفرطة ليس لسيطرته على كل هذه المناصب فقط، بل ولضعف وتشرذم خصومه واعداءه سواء من القوائم المنافسة له ام من القائمة الشيعية.



ونتيجة لتمركز كل هذه السلطات بيده فانه كان يحدد ولا يزال ساعة مهاجمته لخصومه السياسيين لتأزيم الحياة السياسية المضطربة وغير المستقرة اساسا، مرة بنفسه ومرة عن طريق جهات اخرى قريبة منه او مرتبطة به كي  لا توجه اليه اصابع الاتهام بشكل مباشر. لرمي كرة خصومه في ملاعب غير ملعب الحكومة التي يديرها بعقلية المنتصر لا بعقلية السياسي الذي تهمه مصلحة شعبه ووطنه، لذا نراه يفتح نيران مدافعه عن طريق وزراءه او نواب قائمته او قضاة المحكمة الاتحادية لاسقاط اولئك الخصوم ان امكن او التأثير عليهم لابعادهم قدر الامكان عن حدود مملكته.



ولو راقبنا بعض الاحداث السياسية المؤثرة في حياة البلد خلال الفترة الاخيرة، لرأينا عزل وتوجيه اتهام ومهاجمة وتصعيد من قبل المالكي واعضاء قائمته البرلمانية للعديد من الجهات السياسية سواء داخل الحكومة او خارجها. اضافة الى محاولاته الحثيثة للهيمنة على الهيئات المستقلة كالمفوضية المستقلة للانتخابات والبنك المركزي العراقي، مع ضغط غير محسوس على السلطة القضائية التي يجب ان تكون بعيدة عن المشاحنات والمساومات والمناكفات السياسية باعتبارها الملاذ والحصن الاخير لديمومة العملية الديموقراطية. التي يعمل المالكي اليوم لالغاء تنوعها الفكري على الاقل، وذلك بمهاجمته  ما اسماه بالالحاد والماركسية والعلمانية والحداثوية متوسلا بالجهل المتفشي بين قطاعات واسعة من الجماهير وللتأثير على المؤسسة الدينية، في خطابه امام اعضاء حزبه في مدينة النجف الاشرف في 9 نيسان الجاري.



واذا اردنا مقارنة المالكي مع اول من سنّ تصفية الخصوم السياسيين بين العرب المسلمين اي "معاوية بن ابي سفيان الاموي" يتوجب علينا قول الحق في ان المالكي ليس كمعاوية في تصفيته لخصومه في شربة عسل ليقول "لله جنود من عسل" اذ للماكي جنود من اجناس مختلفة غير العسل تختلف حسب الجهة التي يود مهاجمتها.



فمعرفته مثلا منذ اكثر من ثلاث سنوات على ممارسة الهاشمي الارهاب لم يمنعه (على الرغم من مقتل الكثير من الضحايا) ان ينتظر لكشفه امام الرأي العام الا بعد تأكده من انعقاد مؤتمر القمة العربية في بغداد، ليحرك جنوده من القضاة لاصدار امر اعتقاله ولم يكتفي بهذا الامر بل طلب اصداره (امر الاعتقال) بعد مغادرة الهاشمي بغداد الى كردستان، كي يخلط الاوراق السياسية نتيجة تأزم العلاقات بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم حول استكشاف وتصدير النفط، وتطبيق المادة 140 والبيشمركة و عدم تنفيذ بعض النقاط السرية على ما يبدو في اتفاق اربيل.



وفي مكان آخر واثناء التهيؤ لانعقاد مؤتمر القمة العربية في بغداد، لم يتذكر المالكي بناية عالية ليقتحمها جنوده ويراقبوا من على سطحها، بغداد المقطعة الاوصال الا بناية جريدة طريق الشعب الناطقة باسم الحزب الشيوعي العراقي. ليعيث جنوده من العسكر هذه المرة بمحتويات مقر الجريدة واعتقال حراسه دون امر قضائي نتيجة مشاركة الشيوعيين في تظاهرات ساحة التحرير التي تؤرق المالكي وحزبه وقائمته الانتخابية، وكأن بناية طريق الشعب هي البناية الوحيدة والاكثر ارتفاعا في بغداد! كما قاتل المالكي ويقاتل بمختلف اسلحته للاستحواذ على البنك المركزي في مخالفة صريحة لما جاء به الدستور العراقي، اضافة الى تدخلاته ومن يعملون بأمرته في انتخابات نقابة الصحفيين وهيئة الاعلام التي حوّلت الفضائية العراقية الى فضائية مالكية بامتياز.



ولان الحديث يدور بين الاوساط السياسية حول اجراء انتخابات برلمانية مبكرة اذا لم تنفرج الازمة السياسية خلال الفترة القريبة القادمة ولان انتخابات مجالس المحافظات على الابواب، فان المالكي وللسيطرة على المفوضية العليا المستقلة للانتخابات او ليّ ذراعها على اقل تقدير، فانه وّجه اتهامات بالفساد وبمبالغ تافهة جدا وعن طريق جنوده "برلمانيين"، الى رئيس المفوضية و أحد كبار موظفيها في صراع يرتبط جزء منه بالخلاف مع حكومة الاقليم، ولا ندري لماذا لا يوّجه المالكي جنوده لمحاربة ملفات الفساد الضخمة في وزارات التجارة والكهرباء والتربية وامانة بغداد وغيرها الكثير.



ويبقى الخلاف مع حكومة الاقليم سببا لاطلاق نكتة الموسم بعد ان وجهت وزارة البيئة انذارا لراديو شفق الكردي الفيلي والذي يبث برامجه من بغداد، بوقف بثها نتيجة تأثير برجها المقام في منطقة الكرادة ببغداد على البيئة!!! الم اقل انها نكتة بل ونكتة من العيار الثقيل، واين المالكي ووزير بيئته من التلوث الذي يشمل كل شيء في العراق من انهاره الى سمائه الى تربته الى اطعمته بل ان التلوث وصل حتى الى داخل بيوت المواطنين، اذ ما ان تمطر السماء حتى تدخل المياه الثقيلة (مياه المجاري) بيوت المواطنين في المناطق الفقيرة كمدينة الثورة في العاصمة بغداد وغيرها من المناطق في مختلف مدن وبلدات العراق.



في ختام مقالتي هذه اود ان الفت نظر رئيس الوزراء ووزير بيئته لما قاله المفتش العام لانشطة الاعمار الامريكي في العراق (ستيوارت بوين): من "ان ما نسبته ثلثا المياه الثقيلة الخارجة من مناطق بغداد السكنية تنتهي دون معالجة لتصب في نهر دجلة والقنوات المائية الاخرى".



ويضيف (بوين) في تقريره الربع سنوي: " أن بعض مناطق بغداد، لاسيما بغداد الجديدة والبلديات، ليست محظوظة كغيرها من المناطق البغدادية، فمياه دجلة التي تصل الى تلك المناطق تعد ملوثة بمياه المجاري وباقي الملوثات الاخرى الى درجة ان محطات التصفية تبدو غير قادرة الا على القليل حيال هذا الموضوع".

ويوضح ان "مما فاقم الامر سوءا ان مياه المجاري الثقيلة تتسرب الى انابيب مياه الشرب" مبينا "ان ما بين مليون ومليون ونصف متر مكعب من المياه المبتذلة الناجمة عن سكان العاصمة تصب في نهر دجلة". وهناك دراسات بيئية اخرى نشرتها العديد من الصحف حول رمي ما يقارب 850 الف مترا مكعبا من النفايات يوميا في نهر دجلة. والان ايهما يشكل خطرا على البيئة التي تذكرها وزير البيئة ورئيسه اليوم، هذه الارقام المرعبة ام برج للبث الاذاعي لاذاعة كردية فيلية!!



ان مقتل هادي المهدي يشير الى ان جنود العسل قد تكون كواتم صوت فماذا يقول اولي الامر ببغداد؟



زكي رضا

16/4/2012

الدنمارك

ليست هناك تعليقات: